فصل: الحكمة في الوصية بالأولاد:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



وأخرج الحاكم عن عمر وعلي وابن مسعود وزيد في أم وزوج وإخوة لأب، وأم وإخوة لأم. إن الإخوة من الأب والأم شركاء الإخوة من الأم في ثلثهم وذلك أنهم قالوا: هم بنو أم كلهم، ولم تزدهم الأم إلا قربًا فهم شركاء في الثلث.
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت في المشركة قال: هبوا أن أباهم كان حمارًا ما زادهم الأب إلا قربًا، وأشرك بينهم في الثلث.
ذكر الأحاديث الواردة في الفرائض:
أخرج الحاكم والبيهقي في سننه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلموا الفرائض وعلموه الناس فإنه نصف العلم، وإنه ينسى، وهو أول ما ينزع من أمتي».
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تعلموا الفرائض وعلموها الناس فإني امرؤ مقبوض، وإن العلم سيقبض، وتظهر الفتن حتى يختلف الإثنان في الفرائض، لا يجدان من يقضي بها».
وأخرج الحاكم عن ابن المسيب قال: كتب عمر إلى أبي موسى: إذا لهوتم فالهوا بالرمي، وإذا تحدثتم فتحدثوا بالفرائض.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: تعلموا الفرائض، واللحن، والسنة، كما تعلمون القرآن.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي عن عمر بن الخطاب قال: تعلموا الفرائض فإنها من دينكم.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن مسعود قال: من قرأ منكم القرآن فليتعلم الفرائض، فإن لقيه أعرابي قال: يا مهاجر أتقرأ القرآن؟ فيقول: نعم. فيقول: وأنا أقرأ. فيقول الأعرابي: أتفرض يا مهاجر؟ فإن قال: نعم. قال: زيادة خير. وإن قال: لا. قال: فما فضلك عليَّ يا مهاجر؟.
وأخرج البيهقي عن ابن مسعود قال: تعلموا الفرائض، والحج، والطلاق، فإنه من دينكم.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أَفْرَضُ أمتي زيد بن ثابت».
وأخرج البيهقي عن الزهري قال: لولا أن زيد بن ثابت كتب الفرائض لرأيت أنها ستذهب من الناس.
وأخرج سعيد بن منصور وأبو داود في المراسيل والبيهقي عن عطاء بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب إلى قباء يستخير في ميراث العمة والخالة. فأنزل الله عليه لا ميراث لهما. وأخرجه الحاكم موصولًا من طريق عطاء عن أبي سعيد الخدري.
وأخرج البيهقي عن عمر بن الخطاب أنه كان يقول: عجبًا للعمة تورِث ولا ترث.
وأخرج الحاكم عن قبيصة بن ذؤيب قال: جاءت الجدة إلى أبي بكر فقالت: إن لي حقًا في ابن ابن. أو ابن ابنة لي مات. قال: ما علمت لك حقًا في كتاب الله، ولا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا، وسأسأل. فشهد المغيرة بن شعبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاها السدس قال: من شهد ذلك معك؟ فشهد محمد بن مسلمة، فأعطاها أبو بكر السدس.
وأخرج الحاكم عن زيد بن ثابت. أن عمر لما استشارهم في ميراث الجد والإخوة قال زيد: كان رأيي أن الإخوة أولى بالميراث، وكان عمر يرى يومئذ أن الجد أولى من الإخوة، فحاورته وضربت له مثلًا، وضرب علي وابن عباس له مثلًا يومئذ. السيل يضربانه ويصرفانه على نحو تصريف زيد.
وأخرج الحاكم عن عبادة بن الصامت قال: إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للجدتين من الميراث السدس بينهما بالسوية.
وأخرج الحاكم والبيهقي عن ابن عباس قال: أول من أعال الفرائض عمر، تدافعت عليه وركب بعضها بعضًا، قال: والله ما أدري كيف أصنع بكم، والله ما أدري أيكم قدَّم الله ولا أيكم أخَّر، وما أجد في هذا المال شيئًا أحسن من أن أقسمه عليكم بالحصص.
ثم قال ابن عباس: وأيم الله لو قدَّم من قدَّم الله وأخَّر من أخر الله ما عالت فريضته. فقيل له: وأيها قدَّم الله؟ قال: كل فريضة لم يهبطها الله من فريضة إلا إلى فريضة: فهذا ما قدَّم الله، وكل فريضة إذا زالت عن فرضها لم يكن لها إلا ما بقي فتلك التي أخَّر الله فالذي قدَّم كالزوجين والأم، والذي أخَّر كالأخوات والبنات. فإذا اجتمع من قدَّم الله وأخرَّ بدئ بمن قدَّم فأعطى حقه كاملًا، فإن بقي شيء كان لهن وإن لم يبق شيء فلا شيء لهن.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس قال: أترون الذي أحصى رمل عالج عددًا جعل في المال نصفًا وثلثًا وربعًا، إنما هو نصفان وثلاثة أثلاث وأربعة أرباع.
وأخرج سعيد بن منصور عن عطاء قال: قلت لابن عباس: إن الناس لا يأخذون بقولي ولا بقولك، ولو متُّ أنا وأنت ما اقتسموا ميراثًا على ما تقول: قال: فليجتمعوا فلنضع أيدينا على الركن، ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين. ما حكم الله بما قالوا.
وأخرج سعيد بن منصور والبيهقي في سننه عن زيد بن ثابت. أنه أول من أعال الفرائض، وأكثر ما بلغ العول مثل ثلثي رأس الفريضة.
وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس. أنه كان يقول: من شاء لاعنته عند الحجر الأسود، إن الله لم يذكر في القرآن جدًا ولا جدة إن هم إلا الآباء، ثم تلا {واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحق ويعقوب} [يوسف: 38].
وأخرج سعيد بن منصور عن سعيد بن المسيب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أجرؤكم على قسم الجد أجرؤكم على النار».
وأخرج عبد الرزاق عن عمر قال: أجرؤكم على جراثيم جهنم أجرؤكم على الجد.
وأخرج عبد الرزاق وسعيد بن منصور عن علي قال: من سرَّه أن يتقحَّم جراثيم جهنم فليقض بين الجد والإخوة.
وأخرج مالك والبخاري ومسلم عن أسامة بن زيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر».
وأخرج سعيد بن منصور عن عبد الله بن مغفل قال: ما أحدث في الإسلام قضاء بعد قضاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أعجب إليَّ من قضاء معاوية، إنا نرثهم ولا يرثونا، كما أن النكاح يحل لنا فيهم ولا يحلُّ لهم فينا.
وأخرج أبو داود والبيهقي عن ابن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ليس للقاتل من الميراث شيء».
قوله تعالى: {غير مضار} الآية.
أخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن جبير في قوله: {من بعد وصية يوصي بها أو دين غير مضار} يعني من غير ضرار لا يقر بحق ليس عليه ولا يوصي بأكثر من الثلث مضار للورثة.
وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد في قوله: {غير مضار} قال: في الميراث لأهله.
وأخرج النسائي وعبد بن حميد وابن أبي شيبة في المصنف وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس قال: الضرار في الوصية من الكبائر ثم قرأ {غير مضار}.
وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والبيهقي عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الأضرار في الوصية من الكبائر».
وأخرج مالك والطيالسي وابن أبي شيبة وأحمد والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان عن سعد بن أبي وقاص أنه مرض مرضًا أشفي منه فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال: يا رسول الله إن لي مالًا كثيرًا وليس يرثني إلا ابنة أفأتصدق بالثلثين؟ قال: لا. قال: فالشطر...؟ قال: لا. قال: فالثلث...؟ قال: الثلث والثلث كثير، إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس.
وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال: إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم زيادة في حياتكم يعني الوصية.
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري ومسلم عن ابن عباس قال: وددت أن الناس غضوا من الثلث إلى الربع لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «الثلث كثير».
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال: ذكر عند عمر الثلث في الوصية قال: الثلث وسط، لا بخس ولا شطط.
وأخرج ابن أبي شيبة عن علي بن أبي طالب قال: لأن أوصي بالخمس أحبُّ إليَّ من أن أوصي بالربع، ولأن أوصي بالربع أحب إلي من أن أوصي بالثلث، ومن أوصي بالثلث لم يترك.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كانوا يقولون: الذي يوصي بالخمس أفضل من الذي يوصي بالربع، والذي يوصي بالربع أفضل من الذي يوصي بالثلث.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كان يقال: السدس خير من الثلث في الوصية.
وأخرج ابن أبي شيبة عن عامر الشعبي قال: من أوصى بوصية لم يحف فيها ولم يضار أحدًا كان له من الأجر ما لو تصدق في حياته في صحته.
وأخرج ابن أبي شيبة عن إبراهيم قال: كانوا يكرهون أن يموت الرجل قبل أن يوصي، قبل أن تنزل المواريث. اهـ.

.بحث جليل وقيم في آيات الوصية للإمام السهيلي:

قال عليه رحمة الله ما نصه:

.الحكمة في الوصية بالأولاد:

ثم إني نظرت فيما بينه الله سبحانه في كتابه من حلال وحرام وحدود وأحكام فلم نجده افتتح شيئا من ذلك بما افتتح به آية الفرائض ولا ختم شيئا من ذلك بما ختمها به فإنه قال في أولها يوضيكم الله في أولادكم فآخبر تعالى عن نفسه أنه موص تنبيها على حكمته فيما أوصى به وعلى عدله ورحمته أما حكمته فإنه علم سبحانه ما تضمنه أمره من المصلحة لعباده وما كان في فعلهم قبل هذا الأمر من الفساد حيث كانوا يورثون الكبار ولا يورثون الصغار ويورثون الذكور ولا يورثون الإناث ويقولون أنورث أموالنا من لا يركب الفرس ولا يضرب بالسيف ويسوق الغنم فلو وكلهم الله إلى آرائهم وتركهم مع أهوائهم لمالت بهم الأهوء عند الموت مع بعض البنين دون بعض فأدى ذلك إلى التشاجر والتباغض والجور وقلة النصفة فانتزع الوصية منهم وردها على نفسه دونهم ليرضي بعلمه وحكمه ولذلك قال تعالى حين ختم الآية: {وصية من الله والله عليم حليم} وقال قبل ذلك: {فريضة إن الله إن الله كان عليما حكيما}.
وأما عدله فإنه سبحانه سوى بين الذكور لأنهم سواء في أحكام الديات والعقول ورجاء المنفعة وان صغر السن لايبطل حق الولادة ولا معنى النسب وان كلا منهم فلق الأكباد وشجا الحساد ولذلك قال تعالى: {يوصيكم الله في أولادكم} ولم يقل بأولادكم لأنه أراد العدل فيهم والتحذير من الجور عليهم وجاء باللفظ عاما غير مقصور على الميراث أو غيره ولذلك قال النبي عليه السلام: «إني لا أشهد على جور» وذلك أيضا قاله في هبة فضل بها بشير بن سعد بعض ولده على بعض لأنه رأى الله تعالى قد أمر بالعدل فيهم أمرا غير مقصور على باب دون باب ولذلك رأى كثير من العلماء أن لا يفضل في الهبة والصدقة ابن على بنت إلا بما فضله الله به للذكر مثل حظ الأنثيين وهو قول أحمد ابن حنبل.
وكانوا يستحبون العدل في البنين حتى في القبلة ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا قاعدا فجاء طفل له فأقعده في حجره وجاءت بنت له صغيرة فأقعدها على الأرض فقال له عليه الصلاة والسلام أليست بولدك أو كما قال قال بلى قال فاعدل فيهما وهذا كله منتزع من قوله سبحانه: {يوصيكم الله في أولادكم}.
وأما ما تضمنته وصيته من الرحمة إلى ما ذكرنا من العدل والحكمة فإنه جعل للبنات حظا في أموال آبائهن رحمة منه لضعفهن وترغيبا في نكاحهن لأن المرأة تنكح لمالها وجمالها ولدينها فعليك بذات الدين قال صلى الله عليه وسلم اتقوا الله في الضعيفين يعني المرأة واليتيم فكان من رأفته بهن أن قسم لهن مع الذكور وكان من عدله أن جعل للذكر مثل حظ الأنثيين لما يلزم الذكور من الإنفاق والصداق إذا بلغوا النكاح ولما أوجب عليهم من الجهاد للأعداء والذب عن النساء وجعل حظهم مثنى حظ الإناث كما جعل حظ الرجل مثل حظي الأنثى في الشهادات والديات لأنهن ناقصات عقل ودين للحيض المانع لهن في بعض الأوقات من الصيام والصلوات فجمع بين العدل والرحمة ونبه على العلم والحكمة.